تراتبية الطاقة: منهجية "خفِّض-أولاً" الاستشارية الهندسية
في قطاع المباني، ينصَّب التركيز حالياً (بشكلٍ يكاد يكون حصري) على خفض الانبعاثات الكربونية للمباني – سواء تلك الناجمة عن تشغيل المباني أو بناءها – أملاً في أن يؤدي هذا المسعى لامتثال القطاع مع اتفاقية باريس للمناخ. مثلاً، لطالما قُدِّم مفهوم صافي الانبعاثات الصفري (net zero) على أنه الحل الأمثل لقطاع المباني، وقد قامت العديد من المبادرات البيئية الخاصة بقطاع المباني بتبني هذا المفهوم. لكن هكذا نهج يغض الطرف عن نقطة حساسة لطالما غابت عن أدبيات ونقاشات التغيُّر المناخي: الكمية المحدودة المتوفرة من الطاقة ذات الانبعاثات الصفرية (أي، الطاقة المتجددة).
لإبقاء الاحترار المناخي عند 2 درجة مئوية، يقوم التصوُّر الذي وضعته وكالة الطاقة الدولية بغالبيته (40%) على خفض الاستهلاك العالمي للطاقة. يليه التحول نحو الطاقة المتجددة (35%) والتي سيتم تشغيلها إلى حدها الأقصى [1]. هذا يعني أنه حتى لو تم التحول بشكلٍ كامل إلى الطاقة المتجددة، فإنه بدون خفض استهلاكنا للطاقة بشكلٍ دراماتيكي سوف لن نتمكن من الإبقاء على الاحترار المناخي دون 2 درجة مئوية. السبب يعود إلى أن كمية الطاقة المتجددة هي محدودة، وتالياً لضمان أن الاقتصاد العالمي يعمل بالكامل من خلال الطاقة المتجددة يجب خفض استهلاكه للطاقة بما يتناسب مع كمية الطاقة المتجددة المتوفرة.
العوامل التي تحُد من كمية الطاقة المتجددة المتوفرة عديدة وتشمل محدودية المواد اللازمة لإنتاج أنظمة الطاقة المتجددة وكذلك مساحة الأراضي اللازمة لبناء تلك الأنظمة. مثلاً، في حال استمر النمو التصاعدي للاستهلاك العالمي للطاقة، فمن المرجح أن توفير كامل ذلك الاستهلاك عن طريق الطاقة المتجددة سيتطلب 140% من احتياطي الكوبالت العالمي و180% من احتياطي الليثيوم العالمي [3].
في Joule، ثابتة محدودية الطاقة المتجددة هي من أسس منهجيتنا الاستشارية، حيث لا نوصي باستخدام تقنيات الطاقة المتجددة إلا بعد استنفاد كافة تقنيات كفاء الطاقة – الطبيعية منها والاصطناعية.